لعله قد اتى الوقت لتحين اللحظة للاعتراف امام انفسنا قبل اي شخص اخر بامر ما, ان الثورة وثوارها ما زالوا غير قادرين على توسيع قاعدتهم الشعبية من الجماهير, وربما تعود هذه الحقيقة الى عدة اسباب تتمثل في تجاهل لعدة محاور خطيرة, واكاد اجزم ان الامر كان عن غير عمد, فلعل الامر الوحيد الذي ركز عليه الثوار هو الحقوق السياسية متمثلة في الحرية التي تمنحها الديموقراطية, لدرجة دفعت البعض منهم الى التطرف الى حد كبير في تصور شكل هذه الحرية غير آخذين في الاعتبار حتى التدرج الطبيعي في الطرح حتى لا يتسبب الامر في صدمة المتلقي, لكنهم باغراء الحرية تجاهلوا بذلك اية حقوق اخرى, ساقوم في هذه التدوينة بطرح واحد منها فقط ولعله الاهم (بعد الحرية بالمناسبة لاني ما زلت احتسب نفسي واحدة من هؤلاء المرضى المنادين بالحرية) لانه ببساطة هو ما يهم المواطن البسيط وغير البسيط ايضا, وساطرح تصور كذلك لكيفية المطالبة بهذا الحق ومن ثم نيله وكيف لتطبيق هذا الطرح ان يعمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية وهو هدف كثيرا ما يتم تجاهله بالاكتفاء بالاعتماد على الموجودين حاليا وهى نظرة شيفونية الى حد بعيد.
الامر ببساطة يتمثل في حق الرخاء, نعم الرخاء, كلنا نريده ونطمح له, ماذا سنفعل بالحرية بعد انتزاعها ان لم يكن لنا تصور نطالب به لنيل شيئا من الرخاء والتقدم؟ ونعم ادرك ان العكس غير صحيح, فبالمنطق ان لم ننتزع الحرية لنقيم ديموقراطيتنا ومن ثم ضمان الشفافية وعدم تكرار الوصول لنفس معدلات الفساد الرهيبة التي وصلنا لها سلفا, فلن يفيد اي تصور لمشروعات قد تقود البلاد الى الامام, ما من فائدة, من سينفذ؟ المفسدون؟! والرخاء يتمثل في مشاريع قومية هى موجودة بالفعل, لا ينقصها الى المام البعض بها حتى يتسنى لهم الايمان بها ومن ثم المناداة بمنحها موافقة التنفيذ والتي لن تمنح الا بالانتزاع كذلك ولكم في مشروع الدكتور زويل اسوة ان قورن بمشروع اخر لا يقل اهمية بالمرة الا وهو مشروع حملة القمح, الامر ببساطة انك كتيار ثوري حينما تتبنى هكذا توجه, تخرس اي لسان يتحجج بعجلة الانتاج العجيبة, تجتذب الاهتمام بل والتعاطف الشعبي الكبير, بل يزيد الامر لدرجة توسع بها قاعدتك الجماهيرية بمشاركة طبقة جديدة لم تكن لتشارك لولا المناداة في الحق الطبيعي بلقمة العيش والحياة الكريمة وبالشكل المباشر لنيل الهدف, هذا عن مصلحتك انت اولا, وطبعا مصلحة البلد مدركة ولا تحتاج الى توضيح.
اذن فلنأتي لمصلحة المشروعات القومية تلك فدعوني اوضح, الامر ببساطة تجلى لي عند مشاهدتي لبرنامج تلفازي لا اذكر اسمه للامانة ولكنه كان على قناة اون تي في, المهم ان البرنامج كان مستضيفا للعظيمة سكينة فؤاد, رائدة مشروع حملة القمح, وكالعادة تحدثت السيدة عن نعنت الحكومة في الموافقة على تنفيذ المشروع (يرجى البحث عبر الشبكة العنكبوتية للاطلاع على مزيد من المعلومات عن هذا المشروع القومي الخطير) والذي يتطلب 500,000 فدان للقيام به في حين ان الحكومة لم توافق الا على تخصيص 10,000 فدان فقط ومن ثم تكرمت مدركة الخطأ الفادح بان تزيد العرض لتخصص 12,000 فدان, ولا اعرف من اين لهم بحجة لهذا التنقيط والدكتورة سكينة متعهدة بتدبر سداد المبلغ المطلوب للارض, فما من مهمة للحكومة هنا الا تخصيص الارض فقط وليس المنح), وبت اسأل نفسي: ما هو المطلوب لانجاح الامر؟ لو كنت مكان الدكتورة سكينة بماذا طالبت؟ وبدأت افكر واتخيل لو ان من في ميدان التحرير كانوا على علم بهذا المشروع وغيره ونادوا لاتمامهم كما ينبغي من الميدان؟ اوكان هذا ليفرق كثيرا؟ ووجدت نفسي اجيب بنعم, وعموما لم تفت الفرصة بعد, واليكم تصوري لنيل هذا الهدف بعدما وضحت ما هو, انه الرخاء متمثلا في المشاريع القومية.
لماذا لا تقوم حركة شعبية للمشاريع القومية؟ ربما لا يكون هذا هو الاسم بالطبع نظرا لافتقاده الجاذبية, ولكنها حركة تجمع تحت جناحيها ممثلين عن كل حزب وحركة سياسية وبالطبع سيكون عليهم الهم الاكبر في دعم هذه المشاريع وليس هذا فحسب بل وسيكونوا ممثلي هذه المشاريع داخل كيانهم السياسي بغرض ان يدعم هذا الكيان باكمله هذه المشاريع, وصحفيين ومدونين يأخذون على عاتقهم مهمة النشر للتنويه واعلام الجماهير عن هذه المشاريع, وشباب مهمتهم التواصل مع اعلاميي البلد الشرفاء, وحتى غير الشرفاء, لاستضافة مخططي هذه المشاريع بغرض اعلام اكبر عدد من المواطنين, وهيئة تنسيقية تحاول ان تتم اجراءات الموافقة بعد الحصول عليها بشكل مبدئي لتوفير الاجهاد على المفكر المخطط للمشروع, وبهذا نضمن فعلا اننا سننول الموافقة على هذه المشاريع القومية رغما عن انف اي متعنت او فاسد لا يريد الخير لهذا البلد, بل اننا سنضمن كذلك التمويل لهذه المشاريع بالاكتتاب العام, ساعطي لكم مثلا عن اهمية هكذا حركة حتى في تمويل المشاريع وليس فقط الحصول على الموافقة عليها, هناك جسر يسمى جسر غلاطة او كذلك يعرف بجسر الصيادين, هذا الجسر بنى ليربط بين شقي اسطنابول الاوروبي والاسيوي, المهم ان تركيا لم تتحمل اي تكلفة بالمرة لبناء هذا الجسر الذي استغرق سنة ونصف لاتمامه, وتم التمويل بالاكتتاب العام الشعبي, ولم يكن ذلك لوجه الله والوطن, بل كان على وعد بان يتم رد المبلغ بالارباح بعد ذلك وهو ما تم فعلا من قبل الحكومة في خلال فترة سنتين الى سنتين ونصف, ولكم ان تتخيلوا الفترة الزمنية التي تطلبها الامر لجمع المبلغ المطلوب, انها فقط نصف ساعة! نعم نصف ساعة, هكذا هو الشعب, يريد الرخاء ولكن ينتظر التوجيه في المسار الصحيح, واعتقد ان شاننا شأن اي شعب اخر, سنفعل المثل.
ما الذي ينقص الحركة الثورية للقيام بهذا الامر؟ ماذا تنتظر؟ لما لا نعمل على عدة محاور؟ نحن قوة لا تلين وعزم لا ينقضي يكفي لفعل الكثير, ولعلي اتمنى على حركتي التي ازعم اني ما زالت انتمي اليها, حركة 6 ابريل (بشقيها الذان لا ازال لا اعترف بهما) ان تبدأ بتبني هذا التوجه بالبدء في تأسيس كيان منبثق مستقل لهذا الغرض, وحبذا لو تم هذا قبل يوم 25 يناير كذلك ليكون بمثابة الدعاية لهذا اليوم المجيد الذي سننزل فيه للميدان مرة اخرى لاستكمال ثورتنا التي يحاول الكثيرة اجهاضها, ليجتمع الجميع ولنبدأ البناء, فلا تنسوا ان الاقتصاد شق لا ينسى في نمو اي بلد, بل انه في البلاد المتقدمة يعتبر محرك السياسة وليس العكس كما هو حاصل في بلادنا وبلاد غيرنا ممن لم يدركوا التقدم بعد, فللنادي بحق الاقتصاد كما ننادي بحق السياسة والحريات, فلنوسع القاعدة الجماهيرية المشاركة في ميدان التحرير والتي لعلها تتنظر هذا الامر لتشارك, فلنبشر ولا ننفر, فلنطور من اداء نضالنا الثوري, وللعلم لن يكون هذا كل شئ, ولكن ربما يكون اول الخطوات التالية لما بدأناه الفعل, ولا تخافوا, سنحظى بكل شئ ان شاء الله, فما ضاع حق ورائه مطالب ابدا.